الأحد، 28 أبريل 2013

بلال :  مؤذن أم راقص هيب هوب ؟؟!!


من آدوابه لبراكنه حيث الفقر و التهميش و الحرمان انتقل بلال إلى انواكشوط باحثا عن عمل ليعيل أمه وأخواته اللواتي تركهن في وضع لايحسدن عليه .
لدى وصوله التحق بصديق له يغسل السيارات مقابل أجر زهيد ويتخذ من حائط إحدى الثانويات مكانا للعمل حيث بنى عريشا صغيرا توجد بداخله مجموعة من "جركانات" حجم 20 لترا ذات لون أصفر يملؤها ماء كل صباح من الحنفية المجاورة وعدة العمل وهي عبارة عن قطع قماش صغيرة و مواد تنظيف .
أصبح بلال شريكا لصديقه في عمله الذي يعود عليهم يوميا بدخل زهيد مكنهم من تأجير بيت في أحد أحياء دار النعيم...
بعد استقراره في انواكشوط مدة من الزمن تعرف على "شلة" أصدقاء في نفس عمره و يزاولون أعمالا يدوية !
أعجبته طريقة لبسهم و  مشيهم والأغاني التي يحفظون... بدأ في تقليدهم تخلى عن ثيابه الرثة أبدلها بجينز و مشية خاصة وطريقة خاصة في الكلام تشبه ايقاع موسيقى الراب التي عشقها تقليدا لأصدقائه وباتت هي ترنيمته حتى وهو يغسل السيارات !!
لم يعد يشعر بأي حرج حين يمر في شوارع الحي الذي يسكنه وهو ينزل سرواله عن مؤخرته ! جاعلا على أذنيه سماعات كبيرة هازا رأسه على ايقاع ورقصات ايمينيم و فيفتي سنت !!
مع التغيرات الجديدة التي طرأت عليه نسي الوضع البائس لأمه وأخواته وكره كل مايمت بصلة لحياة "آدوابه" استهوته انواكشوط و الشلة بصخبها و صراخها و حياتها البعيدة عن ماضيه التعيس !!
تحول بلال من شاب وديع كل همه العمل إلى شاب من كبار راقصي الراب و المدخنين واشياء أخرى !!!
 ويسعى للحضور لكل الحفلات الصاخبة مظهرا مهاراته في رقص الهيب هوب !!
ذات مساء وهو يستعد للخروج من بيته متوجها إلى شلته لمح الكيس البلاستيكي"ازازوايه" الذي قدم به من قريته بإعتباره "حقيبة السفر" !!
تذكر والدته واخواته عاد به شريط الذكريات إلى أيام وصوله لأنواكشوط وانبهاره بشوارعها و كثرة سياراتها و ساكنتها ! ...
تذكر سهرات المدح و "لكرز" التي كان يمدح بها الرسول صلى الله عليه وسلم ... تذكر كم كان معتزا بإسمه بإعتباره سميا لمؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كانت والدته تحدثه دوما ... كان يحلم أن يصبح مؤذنا يوما ما ولو في مسجد قريته إذا سمحت لهم ظروفهم المادية ببنائه !!
قصة بلال هي قصة العشرات بل المئات من القادمين إلى انواكشوط والذين لايجدون مؤسسات عامة ولامنظمات مجتمع مدني تؤهلهم و تبعدهم عن طريق الإنحراف و الإنسلاخ من الهوية !! 
قصة تحكي مآسي الآلاف الذين لم يتلقوا تعليما في طفولتهم!! ... قصة تحكي فواجع وآلام الفقراء من سكان "آدوابه" الذين قهروا واضطهدوا واستعبدوا لأسباب واهية ثم تركتهم الدولة والمجتمع يواجهون صعوبات الحياة بمفردهم دون تعليم ولاصحة ولارعاية إجتماعية !!
في الحضارة الإسلامية يرمز بلال للحرية والإنعتاق و التضحية في سبيل العقيدة ... بلال كان رمز الصادح بالحق في كل مكان ولازالت آهاته وترديده "أحد.. أحد" ينصت لها التاريخ بكل خشوع وتتناقلها الأجيال المسلمة عبر الزمان والمكان !
أما راقصي الهيب هوب في الثقافة الأفريقية- الأمريكية فهي نوع من التعبير عن رفض الظلم و الإضطهاد الذي تعرض له السود في أمريكا طيلة قرون من الإستعباد ثم جاء الأحفاد يعلنون ثورتهم عن طريق الأغاني و الرقصات واللبس الغريب !!
فهل نريد لمظلومينا و مضطهدينا أن يسيروا على طريق بلال ويؤذنوا بالحرية في كل مكان أم يرقصوا رقصة الهيب هيب رفضا للظلم مع انسلاخ من الهوية ؟؟!!

هناك تعليق واحد: