"شمامه" : لحن الزرع و لحن القهر
يتأمل الستيني محمود مزرعته الصغيرة ويسافر عبر الزمن بذاكرته ليتذكر الأعوام الخوالي يوم كان شابا قويا مفتول العضلات يسقي مزرعته من النهر و ينتظر "رحمة السماء" ليزرع "تقليت" و "بشنه" و " آدلكان" و "واشركاش" و عند أوان الحصاد يجتمع هو و أبناء قريته متعاونين على حصاد مزارعهم وما إن ينهوا عملهم حتى يطل عليهم ذالك الشيخ الأسمر البشرة صاحب العمامة الكبيرة و الذي يطلقون عليه أحيانا "الولي" و أحيانا "امرابطنا" ويمكث معهم أياما ويعود قافلا بمختلف أنواع الزرع والفاصوليا والنبق و "تجمخت" !!
لاينسى محمود ابدا ذالك "لمرابط" كما لاينسى لياليهم الجميلة وسمرهم على "المدح" إنه يكاد يسمع صوت مداحهم الشهير "ابريكه" و أصوات الطبل و نغمات "النيفاره" ...
وهو يتأمل مسافرا عبر الزمن هجمت عليه موجة شديدة من السعال أعادته لواقعه البائس .. إنه مريض بأمراض لاحصر لها و انفق جميع مايملك في "لحجاب" عله يشفى لكن دون جدوى !!
لم يعد يزوره زائر ولايذكره ذاكر نسيه "لمرابط" و عائلته وهاهو لايكاد يقوى على الوقوف وينهشه المرض في سهول "شمامه" حتى مزرعته التي كانت كبيرة جدا تناقصت أطرافها و التهمتها مزارع الأرز وباتت اصوات الشاحنات والجرارات و أصوات هدير "الماكنات" التي تسحب الماء من النهر هي "الألحان الجديدة" المسموعة في كل أرجاء القرية الوديعة !!
شمامه ... الأرض والإنسان
تطلق "شمامه" على السهل الموجود بمحاذاة نهر السنغال ويتميز بأرضه الطينية الخصبة و ظل لقرون عديدة بمثابة "سلة غذاء موريتانيا" حيث تزرع فيه أنواع عديدة من الغلال الزراعية وخاصة في موسم الأمطار .
أغلب ساكنة "شمامه" من لحراطين "المستعبدين" و المضطهدين من قبل القبائل التي تسكن المنطقة و نشاطهم الرئيسي هو الزراعة التي يذهب حصادهم منها إلى "الأسياد" أو "الإقطاعيين" !!
شمامه ... والدولة الوطنية
ظل أهل "شمامه" يعانون ومع الدولة الحديثة استمرت معاناتهم و إن تحرروا قليلا من وطأة الإضطهاد والإقطاع إلا أنه مع "الإصلاح الزراعي" عاد الإقطاع بأوجه جديدة و أساليب أحدث !!!
قدم رجال أعمال ولد الطايع من كل حدب وصوب يلتهمون الأراضي و ينهبون بنوك "القرض الزراعي" !!
شمامه ... و "عنصرية الكلمات"
يقول أحد ظرفاء الفلان أن عنصرية المجتمع تتجاوز الأفراد إلى الكلمات فقبل سنوات عندما كان الوحيد الذي يبيع اللبن هو نساء الفلان أو "بله" كانوا يطلقون على المهنة "بياع اللبن" وعندما امتهن "البيظان" هذه المهنة بعد عمليات التسفير من السنغال أصبح يطلق على ممتهنها "صاحب مشروع اللبن" وأن نفس الشيء وقع مع الزراعة فعندما كان لحراطين هم من يزرعون أطلقوا عليهم "لحراثه" وعندما التحق "البيظان" بالزراعة اصبح يطلق عليهم "مزارعون" !!
شمامه ... والمستقبل
هل سيستعيد اهل "شمامه" حريتهم في التصرف في أرضهم ؟؟ هل سيكون هناك "إصلاح زراعي" حقيقي يعيد الحق لأهله ويعيد "شمامه" لريادتها الزراعية ؟؟
تلك أمنية لايبدو أن في الأفق القريب مايبشر بتحقيقها !!
يتأمل الستيني محمود مزرعته الصغيرة ويسافر عبر الزمن بذاكرته ليتذكر الأعوام الخوالي يوم كان شابا قويا مفتول العضلات يسقي مزرعته من النهر و ينتظر "رحمة السماء" ليزرع "تقليت" و "بشنه" و " آدلكان" و "واشركاش" و عند أوان الحصاد يجتمع هو و أبناء قريته متعاونين على حصاد مزارعهم وما إن ينهوا عملهم حتى يطل عليهم ذالك الشيخ الأسمر البشرة صاحب العمامة الكبيرة و الذي يطلقون عليه أحيانا "الولي" و أحيانا "امرابطنا" ويمكث معهم أياما ويعود قافلا بمختلف أنواع الزرع والفاصوليا والنبق و "تجمخت" !!
لاينسى محمود ابدا ذالك "لمرابط" كما لاينسى لياليهم الجميلة وسمرهم على "المدح" إنه يكاد يسمع صوت مداحهم الشهير "ابريكه" و أصوات الطبل و نغمات "النيفاره" ...
وهو يتأمل مسافرا عبر الزمن هجمت عليه موجة شديدة من السعال أعادته لواقعه البائس .. إنه مريض بأمراض لاحصر لها و انفق جميع مايملك في "لحجاب" عله يشفى لكن دون جدوى !!
لم يعد يزوره زائر ولايذكره ذاكر نسيه "لمرابط" و عائلته وهاهو لايكاد يقوى على الوقوف وينهشه المرض في سهول "شمامه" حتى مزرعته التي كانت كبيرة جدا تناقصت أطرافها و التهمتها مزارع الأرز وباتت اصوات الشاحنات والجرارات و أصوات هدير "الماكنات" التي تسحب الماء من النهر هي "الألحان الجديدة" المسموعة في كل أرجاء القرية الوديعة !!
شمامه ... الأرض والإنسان
تطلق "شمامه" على السهل الموجود بمحاذاة نهر السنغال ويتميز بأرضه الطينية الخصبة و ظل لقرون عديدة بمثابة "سلة غذاء موريتانيا" حيث تزرع فيه أنواع عديدة من الغلال الزراعية وخاصة في موسم الأمطار .
أغلب ساكنة "شمامه" من لحراطين "المستعبدين" و المضطهدين من قبل القبائل التي تسكن المنطقة و نشاطهم الرئيسي هو الزراعة التي يذهب حصادهم منها إلى "الأسياد" أو "الإقطاعيين" !!
شمامه ... والدولة الوطنية
ظل أهل "شمامه" يعانون ومع الدولة الحديثة استمرت معاناتهم و إن تحرروا قليلا من وطأة الإضطهاد والإقطاع إلا أنه مع "الإصلاح الزراعي" عاد الإقطاع بأوجه جديدة و أساليب أحدث !!!
قدم رجال أعمال ولد الطايع من كل حدب وصوب يلتهمون الأراضي و ينهبون بنوك "القرض الزراعي" !!
شمامه ... و "عنصرية الكلمات"
يقول أحد ظرفاء الفلان أن عنصرية المجتمع تتجاوز الأفراد إلى الكلمات فقبل سنوات عندما كان الوحيد الذي يبيع اللبن هو نساء الفلان أو "بله" كانوا يطلقون على المهنة "بياع اللبن" وعندما امتهن "البيظان" هذه المهنة بعد عمليات التسفير من السنغال أصبح يطلق على ممتهنها "صاحب مشروع اللبن" وأن نفس الشيء وقع مع الزراعة فعندما كان لحراطين هم من يزرعون أطلقوا عليهم "لحراثه" وعندما التحق "البيظان" بالزراعة اصبح يطلق عليهم "مزارعون" !!
شمامه ... والمستقبل
هل سيستعيد اهل "شمامه" حريتهم في التصرف في أرضهم ؟؟ هل سيكون هناك "إصلاح زراعي" حقيقي يعيد الحق لأهله ويعيد "شمامه" لريادتها الزراعية ؟؟
تلك أمنية لايبدو أن في الأفق القريب مايبشر بتحقيقها !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق