الاثنين، 31 ديسمبر 2012

الصالون الثقافي (1) : مع الباحث سيد اعمر ولد شيخنا




في أول جلسة من جلسات الصالون الثقافي استضفنا الباحث الموريتاني الأستاذ سيد اعمر ولد شيخنا متناولا التاريخ الموريتاني المعاصر مستعرضا أهم محطاته ومبرزا الأدوار التي لعبتها شخصيات معينة في رسمه و مبينا أهم ماتوصل له في بحوثه عن هذا التاريخ من خلال استنطاق تلك الشخصيات
عن الباحث
يعد الباحث سيد اعمر ولد شيخنا أحد أبرز الوجوه الشابة التي برزت في الآونة الأخيرة من خلال بحوث وكتابات رصينة عن التاريخ المعاصر لموريتانيا و يعد كتابه "موريتانيا المعاصرة... شهادات ووثائق"  أهم كتاب صدر في الفترة الأخيرة عن تاريخ موريتانيا و أثار ضجة كبيرة في الأوساط الإعلامية و الثقافية و حتى الإجتماعية والسياسية ...
وتناول الكتاب بالتدوين والتوثيق تاريخ موريتانيا من الفترة الممتدة من 1957 وحتى 1984  و تضمن شهادات لأغلب الذين عاصروا هذه الفترة وكانوا شهودا على حوادثها أو من صناع الأحداث ..
وقد  صدر للباحث كذالك عدة كتب عن التاريخ الموريتاني ...
الإستعمار ... وسكان  السواحل
تناول الباحث سيد اعمر ولد شيخنا في بداية حديثه في "الصالون الثقافي" تاريخ الإستعمار الفرنسي ببلادنا و المناطق التي استهدفها عند دخوله وهي المناطق المحاذية للنهر أو للمحيط "مناطق الساحل" ... فمن اترارزه المحاذية للنهر دخل الفرنسيون متوغلين حتى آدرار
إستهداف المناطق الساحلية ليس جديدا على الإستعمار فهو استراتيجية انتهجها في مختلف المناطق التي احتلها ويتميز سكان هذه المناطق عادة بالإنفتاح و القدرة على استيعاب الآخر وذالك مايجعلهم في مرمى نيران المستعمرين دائما لكن في موريتانيا يضاف لهذه العوامل عامل آخر وهو الفتوى الدينية التي أصدرها الشيخ باب ولد الشيخ سيديا و التي فتحت الباب لقدوم الفرنسيين ..
كان الشيخ باب من أوائل العلماء والمشايخ الذين نددوا بسياسة "السيبة" التي تعم هذه البلاد واعتبر أن قدوم سلطة ولو كافرة أخف ضررا من الفوضى وبناء على ذالك اصدر فتواه التي اثارت الكثير من اللغط حتى اليوم..
الفرنسيون... من يخدمني لا أنساه
جاءت ظروف كثيرة املت على الفرنسيين أن يغادروا هذه البلاد ويعطوها إستقلالها لكن قبل ذالك فكروا في من سيخلفهم و استقر رايهم على تأهيل أولئك الذين خدموهم طيلة مكوثهم في هذه الأرض من مختلف مكونات هذا الشعب وخاصة من المناطق الساحلية و آدرار مع العلم أن أغلب الكوادر حينذاك كانت تنحدر من هذه المناطق ..
اختار الفرنسيون إذن "قادة الإستقلال" من أبناء هذه المناطق وبعثوا ببعضهم إلى فرنسا ليتعلم ويتكون قبل أن تناط به المهمة الجسيمة مهمة إدارة بلاد مترامية الأطراف ولاتملك اية بنى تحتية وبإقتصاد هش يعتمد الزراعة والتنمية وبأساليب تقترب من البدائية
المختار.... في دائرة الضوء
تم اختيار المترجم السابق مع الإدارة الفرنسية المختار ولد داداه لمهمة قيادة "دولة الإستقلال" وتم ابتعاثه إلى فرنسا ليكمل دراسته الثانوية ثم الجامعية ويتخرج محاميا ويعود للبلاد كأهم  رجل سياسي في تلك  المرحلة ..
اختيار المختار لم يكن اعتباطيا وإنما لعدة أسباب:
-          موظف سابق بالإدارة الفرنسية
-          ابن لأحد الوجهاء المقربين من فرنسا
-          شخص دبلوماسي جدا  ومحنك و خلوق يمكن أن يجمع حوله مختلف الفرقاء السياسيين
المختار... رئيسا
بعد الإستقلال عن فرنسا عام 1960 تولى المختار ولد داداه رئاسة البلاد  وبدأ في إدارتها يساعده فريق من الأطر المكونين تحت الرعاية الفرنسية بالإضافة لبعض الفرنسيين وحاول أن ينتهج سياسة تجمع بين الولاء للحليف القديم و السعي لتحقيق إستقلال حقيقي للبلاد يدفعه طموح شخصي لذالك و متغيرات دولية وتحالفات إقليمية ..
لكن بعض المتغيرات الداخلية ساهم في التعجيل بتحقيق ذالك الطموح فمع بداية عقد السبعينات تصاعدت نضالات أهم حركة معارضة لحكمه حركة الكادحين وهو ماجعله يرضخ لمطالبها محققا بذالك الطموح الشخصي الذي طالما راوده وهو الإستقلال الحقيقي عن فرنسا فقام بتأميم ميفرما  وإصدار عملة وطنية "الأوقية" وساعده تحالفه مع الجزائر الإشتراكية بقيادة بومدين في القيام بذالك ...
كانت حركة الكادحين حركة يسارية و كذالك الحلفاء الجدد للمختار كجزائر بومدين و غينيا شيخو توري ..
  اللوبيات الجدد... ودوائر السلطة والنفوذ
بعد أن حقق المختار الكثير من مطالب حركة الكادحين انقسمت الحركة إلى قسمين قسم دخل في حوار مع النظام بل اندمج في حزب الشعب وأصبح يطلق عليه "الميثاقيون" أو "الإندماجيون" وقسم فضل المعارضة وهو ماسيعرف بالحركة الوطنية الديمقراطية..
دخل الإندماجيون في مختلف دوائر صنع القرار والدوائر الأمنية مشكلين بذالك لوبيا قويا داخل النظام نفسه حاول المختار أن يستغله لصالح الإستمرار في الحكم وللتخلص من قدماء موظفيه والمنافسين له خاصة بعد أن شاع قبل ذالك بسنوات أن هناك محاولات من بعضهم لإزاحته من الحكم كمحمد ولد الشيخ ولد اليدالي الذي عزله المختار عام 1966
اللوبي الجديد القوي الموالي للنظام كان معه لوبيا آخر هو لوبي "أطر الزنوج" الذين أبدوا تذمرهم من السياسات الجديدة للنظام خاصة فيما يتعلق بالتعريب  وحاولوا إبراز قضيتهم على أساس أنها "مشكلة ثقافية" بينما كانت تحمل في طياتها صراعا سياسيا خفيا يحمل بعدا عنصريا في بعض الأحايين و تخوفات من سيطرة "البيظان" على كل مفاصل السلطة...
الإنقلاب ... ينهي الحلم
دخل نظام المختار في حرب مع جبهة البوليساريو وهي الحرب التي دقت المسمار الأخير في نعش حكمه والذي سقط إثر إنقلاب عسكري قاده كبار ضباط الجيش و بالإنقلاب على المختار خسر حلفاؤه الميثاقيون  خسارة كبيرة وأبعدوا من دوائر صنع القرار
لكنهم ظلوا في محاولات مستميتة للعودة و بتحالف مع أهم أركان النظام وهو ماتجلى واضحا في المحاولة الإنقلابية الفاشلة  التي حدثت يوم 16 مارس 1981 ضد حكم المقدم محمد خونه ولد هيداله و التي قادها التالف من أجل موريتانيا ديمقراطية AMD
وبعد فشل المحاولة أعدم هيداله أبرز قادتها : كادير و احمدسالم ولد سيدي  وانيانغ مصطفى

انقلب ولد الطايع على هيداله ودخلت البلاد في نظام جديد سيطبعها بطابعه الخاص وستشهد أحداثا كبرى سيكون لها مابعدها ...

التجنيس و الديمغرافيا "المفخخة"




لم تمح من ذاكرة مدينة روصو حادثة اعتقال "اتيام" ذات صباح من أمام مكتب الحاكم حيث اقتادته الشرطة إلى جهة مجهولة كان اسم الرجل يتردد في كل زوايا المدينة بل إن أصداءه تصل إلى الجارة السنغال ...كان "عصا سحرية" لأولئك القادمين إلى "جنة موريتانيا" لمنحهم "أوراقا موريتانية" قبل أن ينالوا الجنسية!!!!
على مدى سنوات تمكن "اتيام" من تجنيس الآلاف وجمع ثروة من هذا النشاط "الحلوب" الذي لفت انتباه الكثيرين فقرروا التخلص من الرجل لتخلو لهم "السوق"  ...
بدأت سوق التجنيس تستقطب فاعلين جددا "سيدي الشرطي" و محمد الموظف بالمقاطعة و صو العامل بالولاية يعملون ليل نهار وعبر وسطاء على جانبي النهر لإستقطاب الراغبين في الحصول على"أوراق" مقابل "مبالغ مالية" معتبرة !!!

التجنيس .... رواية بفصول طويلة

قصة "تجنيس" الأجانب بموريتانيا هي قصة طويلة بدأت مع الإستقلال ولم تنته حتى اليوم يتداخل فيها التزوير مع الواسطة مع عدم المسؤولية والوطنية ويتداخل كل ذالك مع سياسات الأنظمة المتعاقبة على حكم موريتانيا ونظرتها للنسيج الإجتماعي و الكم الديمغرافي لكل عرق من مكوناته يضاف لذالك فوضويةالحالة المدنية وترهلها...
مع سنوات الإستقلال الأولى تم تجنيس "الآلاف" من المترجمين و الموظفين السابقين مع الإدارة الفرنسية والذين تعود أصولهم لمختلف الدول الغرب إفريقية...
استفحلت الظاهرة بشكل كبير  بعد سنوات من حكم ولد الطايع بفعل الفساد  المستشري في مختلف أركان الدولة وكان من مظاهره التلاعب بالأوراق المدنية ومنحها مقابل "مبالغ مالية" للوافدين لهذه البلاد وكان حظ الأفارقة كبيرا خاصة السنغاليين و الغينيين نظرا لعامل الجوار والتداخل الإجتماعي بالنسبة للأولى وعامل اللغة بالنسبة للثانية مع أن الفساد تجاوز كل العوامل وبات "المال" هو العامل الأبرز في منح الجنسية للأجانب الوافدين إلى موريتانيا...
تم كذالك تجنيس "الطوارق" الهاربين من جحيم الصراع في مالي ضمن خطة تهدف لتخفيف الضغط على النظام في الجارة الشرقية كما فسره البعض على أساس أنه سعي من نظام ولد الطايع لإيجاد كتلة انتخابية "مضمونة" إلى جانبه...
وآخر هذه "الرواية" مانشره موقع الأخبار عن سعي رسمي لتجنيس "الصحراويين المقيمين على الأراضي الموريتانية...

انواكشوط... "ديمغرافيا الفساد"

الأكثرية التي تحصل على الجنسية الموريتانية هي من اليد العاملة الإفريقية "الرخيصة" وتكون وجهتها المفضلة انواكشوط وهو ماجعل  "الخريطة الديمغرافية" للمدينة تشهد تغييرات كبيرة لنجد مقاطعات منها تشهد أكبر تواجد للجاليات "المجنسة" والتي باتت تضايق أبناء البلد في معيشتهم بل تسبب ذالك في مشاكل كثيرة منها الأمني والإجتماعي ...
ولم تسلم بقية المدن من تلك الموجات من العاملين "المجنسين" حيث استوطنت مجموعات منها في العاصمة الإقتصادية انواذيبو والتي لم يعد من الغريب أن نجد فيها حيا بإسم العاصمة الغانية "اكرا" ...



الديمغرافيا ... "لغة مفخخة"

نشرت وكالة الإستخبارات الأمريكية CIA على موقعها عبر الإنترنت عام 2009 تقريرا عن موريتانيا تضمن نسب القوميات أو العرقيات المكونة للمجتمع وجاءت النسب كالتالي
- لحراطين (رغم أنهم لايمكن اعتبارهم قومية مستقلة) : 30%
- الزنوج : 30%
- البيظان : 40 %

هذه النسب بطبيعة الحال ليست دقيقة و أي عارف بالمجتمع يدرك أن هناك تداخل بين مختلف مكونات هذا المجتمع ومع ذالك لاتزال لغة الديمغرافيا سائدة في بعض الأوساط  فمنذ أيام قليلة طالعتنا بعض المواقع الموريتانية بأرقام عن نسبة الزنوج ضمن الإحصاء الجديد والتي قدرت ب 17% .
لغة الديمغرافيا ليست دقيقة دائما للأسباب التالية
- في العالم الثالث تبدو هذه النسب غير دقيقة نظرا لعوامل كثيرة 
- يمكن لأي طرف أو سلطة التلاعب بهذه النسب 

لبنان والعراق ... الديمغرافيا القاتلة

تثير قضية نسب القوميات و الأعراق والديانات في مختلف دول العالم مشاكل كثيرة و من أبرز الدول التي عانت من هذه القضية لبنان و العراق فكل عرق أو ديانة في هاتين الدولتين يعتبر أنه هو "الأكثرية" فلبنان التي كانت بأكثرية مسيحية تحولت مع الأيام إلى "أكثرية" شيعية والعراق كذالك تحول إلى "أكثرية" شيعية ... الناظر لهذه القضية بهدوء يلاحظ أن اللعب على لغة الديمغرافيا وقصة الأكثرية والأقلية يختلف من مكان لمكان حسب اللاعبين "الدوليين" فمرة ينظر للكم الديمغرافي "للطائفة الدينية" ومرة للقومية ومرة للون وهكذا هي إذن "لعبة قذرة" يلعبها الذين يسعون لبسط نفوذهم في أي نقطة من العالم دون أن نهمل فشل دول العالم الثالث في استيعاب مختلف الإختلافات و صهرها في بوتقة واحدة من أجل عمل وطني مشترك يمنع التشظي...

الديمغرافيا ... وحقوق المواطن

في الحديث عن الديمغرافيا والتجنيس علينا أن لاننسى أن المجموعة الزنجية في موريتانيا تعرضت للكثير من المظالم  في عهود سابقة وأعلن بعضها تضرره من عمليات الإحصاء الجاري "لاتلمس جنسيتي" نموذجا وإنصاف هذه المجموعة ضرورة ملحة من أجل وحدة وطنية حقيقية و لاينبغي بأي حال من الأحوال وصفهم ب "المجنسين" ولا "رعايا دول أجنبية" هؤلاء مواطنون من هذه الأرض بل هم أصلها والتنوع مصدر إثراء وليس "ولاعة" للحروب الأهلية....

موريتانيا ... بكل الألوان 

ما لم يدرك الموريتانيون حقيقتهم أنهم شعب واحد بمكونات مختلفة وأن موريتانيا  هي عنوان الجميع وليس اللون ولا العرق سنظل ندور في حلقة مفرغة من الإتهامات المتبادلة بسعي كل طرف لتغيير التركيبة الديمغرافية للبلد وهو مايخدم المتربصين بنا للقضاء على حقنا في العيش في دولة واحدة تضمن الحقوق لجميع مواطنيها...




الخميس، 27 ديسمبر 2012

أبناء "ماو" الديمقراطيون ... من بكين إلى توكمادي


ثورة الفلاحين
"اذهبوا للريف وتعلموا من الفلاحين" كان هذا هو شعار المرحلة في خضم الثورة الثقافية التي أعلنها الزعيم الشيوعي الصيني ماو عام 1966 والتي ذهب ضحيتها آلاف المثقفين الذين يختلفون مع الرجل سياسيا ورغم ذالك كان لهذه الثورة صداها الواسع في مختلف أنحاء العالم وفي مناطق منه ربما لم يسمع بها الزعيم الصيني يوما ...
قرية توكمادي في الجنوب الموريتاني كانت على موعد مع الزعيم الصيني في إحدى أيامها المنسية التي ستتحول إلى تاريخ أساسي ومهم لإحدى أهم الحركات السياسية الموريتانية ..
ففي أحد أيام العام 1972 اجتمعت مجموعة من "أبناء" الزعيم الصيني ماو وقرروا إطلاق حركتهم وثورتهم الثقافية من هناك حيث الفلاحين و المضطهدين كان الحلم "الماوي" يداعب مخيلاتهم والفلاح هو الفلاح سواء كان في ريف الصين أو على ضفاف نهر السنغال ...
اجتمعت مجموعة قليلة في هذه القرية تضممحمدن ولد أشدو، محمد المصطفى ولد بدر الدين، محمدن ولد عابدين، عينينا ولد أحمد الهادي، سيدي محمد ولد سميدع، أحمدو ولد عبد القادر
 وأعلنت هذه المجموعة إنطلاقة حركة الماويين الموريتانيين أو حركة الكادحين كما يحلو لهم ...


كادحون ... حتى النهاية


للثورة ثمنها و رحلة النضال لابد فيها من الصبر و التضحية .. استحضر الكادحون كل ذالك وبدؤوا ثورتهم على نظام المختار يحوهم أمل كبير أن يروا "جحافل الماويين الموريتانيين" وهم يحملون "كتابهم الأحمر" وقد تربعوا على قيادة هذا البلد الذي استقل حديثا عن فرنسا و يعاني من إختلالات بنيوية عميقة ليس أقلها التمييز الطبقي البين ...
أرادوا لكل الشعب أن يثور .. آن لسكان "آدوابه" أن يدركوا أنهم مضطهدون من قبل "إقطاعييين" يستغلونهم بإسم الدين.. آن للمرأة أن تخرج لميادين الحياة فليس صحيحا أن حياتها تبدأ من البيت وتنتهي  بالقبر.. آن للشباب أن يثور على الأفكار البالية التي يتم تلقينها له صباح مساء ... هي إذن ثورة كل الطبقات و كل الأعمار وكل الفئات ..

الثمن الغالي

استتب الأمر للمختار ولد داداه بعد ان أنهى صراعه مع النهضة والمغرب ولم يعد يكدر صفوحكمه اي منغص ودارت الأيام و إذا بجدران انواكشوط على موعد مع نشرة صباحية "حمراء" ماوية الفكرة بلغة فرنسية وعربية ... بدأت الإعتقالات والتعذيب في صفوف الحركة الوليدة  تحاول "شرطة المختار" جاهدة أن تكشف كل الخلايا السرية دون جدوى .. تبحث عن الطابعات التي تطبع "المناشير" التي تصل لكل مكان وربما يجد المختار نصيبه منها مع أول كأس من "اتاي اصباح" .. لم يفلح كل ذالك ...
يجتمع المختار بقيادات حزب الشعب العتيدة وبالأجهزة الأمنية في محاولة أخيرة لوقف هذه "الفوضى" وهذه "الثورية المقيتة" .. ويقرر بعض "متعجرفي النظام" تصفية القيادي الماوي الرمز "سميدع" وهي التصفية التي ستشعل الثورة من جديد مما جعل المختار ينحني أمام "العاصفة الماوية" و يلبي الكثير من مطالبها الشعبية و التي استغلها في الدعاية لنظامه و تمكن بها من إحداث شرخ داخل الحركة القوية التي كادت أن تنتزعه بالقوة من كرسيه...

ماوية .... بقيادتين

انشقت الحركة الماوية "الكادحون" إلى فصيلين فصيل دخل في حوار مع المختار يضم أساسا ماكان يعرف ب"مجموعة تولوز" ومن أشهرها قادتها المصطفى ولد اعبيد الرحمن والفصيل الثاني رفض الحوار وظل معارضا لكل الأنظمة المتعاقبة و يقوده "ماو الصغير" محمد ولد مولود والكادح الكبير المصطفى ولد بدر الدين وهذا الفصيل يطلق عليه الحركة الوطنية الديمقراطية ..

الماويون... والعسكر
في نهاية السبعينات انقلب الجيش على المختار بعد دخوله في حرب مع جبهة البوليساريو و دخلت البلاد في مرحلة الحكم العسكري حاول "الماويون" الوصول إلى الحكم عبر إنقلاب عسكري نفذه جناحهم المسمى التحالف من أجل موريتانيا ديمقراطية AMD فشلت المحاولة وأعدم هيداله العديد من قادتها ...
تعاقب العسكريون على الحكم وباتت لغة الإنقلابات أقوى من لغة الثورة وظل "الماويون " منقسمين بين مؤيد ومعارض لحكم العسكر وإنقلاباتهم ...

ديمقراطيون.... ولكن 

في مطلع التسعينات دخلت موريتانيا نادي "الديمقراطية الشكلية" وتشكلت الأحزاب السياسية  وفي الإنتخابات الرئاسية دعم "الماويون" جناح ولد مولود وبدر الدين المرشح المعارض أحمد ولد داداه الذي خسر الإنتخابات و شكل حزبا سياسيا ضم مختلف القوى السياسية المعارضة لولد الطايع ومن ضمنها "الماويون الموريتانيون" ...
  
ماويون... ديمقراطيون
انفصل "الماويون الموريتانيون" جناح مولود وبدر الدين عن حزب إتحاد القوى الديمقراطية برئاسة أحمد ولد داداه ودخلوا معه في نزاعات قانونية وبعد حل الحزب شكلوا حزبهم الجديد بإسم "إتحاد قوى التقدم الذي ضم أغلب القيادات التاريخية "للماويين" الكادحين أمثال مولود وبدر الدين و ناجي و لوكورمو ...
الحزب الجديد لم يكن ثوريا كان يفضل "لغة الحوار" حتى مع نظام لايفهم تلك اللغة كنظام ولد الطايع وبات من شبه المؤكد أن الثورية عفى عليها الزمن في قواميس "الماويين" ...
لاثورة -إذن- حتى ولو كانت ثقافية على طريقة ماو ... المفهوم الجديد للثورة هو صناديق الإقتراع و المظاهرات و الحوار وربما دعم بعض الحركات الشبابية الحالمة بثورة على غرار ثورة الآباء التي لم تكتمل ...

ماو ... وتوكمادي

فلاحو توكمادي مازالوا يعانون ولم تنطلق الثورة من مزارعهم وربما ضاعت أو احترقت او حرقت كل "كتب ماو الحمراء" وتناسى أغلب "الثوريين الماويين" مآسي مزارعي الضفة وحدها مقاهي باريس تبقى شاهدة على أن نضال "الكادحين" لم يذهب سدى فأبناؤهم يدرسون أو يعملون  في "مدينة الأنوار" ويحتسون "قهوة الصباح" مع جميلات فرنسا وشققهم الفاخرة التي يقضي فيها "الآباء الثوريون" عطلهم السنوية تؤكد أن "ثورة الفلاحين" كانت ناجحة جدا !!!!!!

الاثنين، 24 ديسمبر 2012

مجزرة حلفايا.... وموت ضمير العالم

الخبز المغموس بالدم في حلفايا 

حلفايا اسم جديد يسمع به العالم ربما لأول مرة ... حلفايا ليست مكانا سياحيا ولا توجد بها فنادق لإقامة حفلات رأس السنة ... حلفايا هي عنوان فصل في رواية شعب يسطر أروع البطولات ضد أبشع نظام دموي !!!

حلفايا إدانة جديدة لما يسمى بالعالم "المتقدم" ... إدانة ل "المجتمع الدولي" الذي وقعت المجزرة بعد وصوله بدقائق !!!!!!!!!
حلفايا اسم جديد للخبز المغموس بالدماء الطاهرة ... السوريون باتوا يدفعون أرواحهم للحصول على كسرة خبز ليسدوا بها رمقهم ...
حلفايا تؤكد أنه لم يعد للعالم ضمير ولامشاعر وأن حالة موت الضمير وتبلد المشاعر تتسع رقعتها يوما بعد يوم...
عندما يتعرض الشعب السوري لإبادة جماعية  من طرف مجرم لايتورع عن فعل أي شيء من أجل البقاء على كرسي الحكم ويكون رد العالم عليه هو الصمت أو المبادرات "المخزية" التي تطيل من عمره وتمنحه المزيد من الوقت ليقتل ويدمر كيفما شاء .. عندها نزداد يقينا أننا أمام دول لايهمها الإنسان بقدر ماتهمها مصالحها...
الدم السوري الطاهر بات سلعة رائجة في سوق "المصالح الدولية" .. روسيا تقبض ثمنه من هنا ومن هناك .. إيران تساوم .. أمريكا تناور.. الكيان الصهيوني يترصد.. الخليج يمول ويرجح الصفقات .. دول الربيع العربي غراقة في همومها  و مشاكلها الداخلية...
السوريون أدركوا الواقع المحيط بهم لأول وهلة بعد انتفاضتهم على الدموي بشار ورفعوا شعارهم الخالد " ما النا غيرك ... يا الله"...
مجزرة حلفايا ستكون لعنة على كل الصامتين ... مجزرة حلفايا تنضم لعشرات المجازر التي ارتكبت بحق شعب أعزل..
شهداء حلفايا ينضمون لقوافل الشهداء في الحولة و جسر الشغور واتريمسه ... ينضمون لشهداء الشعب السوري البطل في معركته ضد الظلم معركته من أجل نيل الحرية...
التضحيات العظام لاتذهب سدى و من استمد القوة من قاهر الجبارين والطغاة لن يخذله ..
إن هذه الدماء الطاهرة هي الشعلة التي تنير دروب الأحرار نحو الإنعتاق الحقيقي والأبدي "فاستبشروا ببيعكم".....

السبت، 22 ديسمبر 2012

تمبكتو ... عنوان فصل جديد من رواية الدم والدموع



عندما كان حسن الوزان الشهير ب "ليون الإفريقي" يكتب روائعه في محبوبته تمبكتو لم يدر بخلده يوما أن حريمها سيستباح من متطرفي القاعدة ولا أن رمالها الطاهرة ستكون مسرحا لحرب - يتم التخطيط لها في فرنسا التي عرفت تمبكتو عن طريق ليون الإفريقي- ربما تحصد من الأرواح البريئة و تسكب من الآهات والدموع مايجعل تلك اللوحة الجميلة التي رسمها تندثر من مخيلة التاريخ ليستبدل بها لوحة تقطر دما و يكتسيها السواد ويسكنها البوم ...
لو كان ليون الإفريقي حاضرا بيننا اليوم لبكى محبوبته الجميلة و للعن أولئك الذين يدقون طبول الحرب ...
ماذا لوكان سيد المختار الكنتي بيننا هل كان سيرضى هو الآخر بما آلت إليه حال تمبكتو ؟ هل كان يرضى أن تكون "قبلة" للإمبريالية العالمية  ومنطلقا للقضاء على الإستقرار في المنطقة ؟

هل على أبناء المنطقة أن يموت أبناؤهم من أجل سواد عيون ساكنة الإليزيه أو البيت الأبيض؟

من سينهي هذا الفصل الدموي قبل أن يكتمل ؟؟؟؟؟؟


ندوة : التجربة الإسلامية ... وتحديات الحكم 

أقامت جمعية شبيبة بناء الوطن ندوة مساء الخميس 20/12/2012 بدار الشباب القديمة بانواكشوط  تحت عنوان : " التجربة الإسلامية .. وتحديات الحكم " 
أنعش الندوة كل من : 
* الدكتور موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس 
* السيد أبوجرة سلطاني رئيس حركة مجتمع السلم الجزائرية 
* السيد عبد الله بها وزير دولة مغربي من حزب العدالة والتنمية الإسلامي
* السيد بشير الكبتي المراقب العام للإخوان المسلمين بليبيا
* السيد ناصر الصانع رئيس الحركة الدستورية بالكويت 

كان أول المتحدثين في الندوة الدكتور أبو مرزوق ونلخص أهم ماتناوله في النقاط التالية :

نحن حركة مقاومة لتحرير الأرض ننتمي لحركة الإخوان المسلمين
- استعرض تاريخ الإسلاميين في فلسطين وخاصة تاريخ الإخوان 
-لسنا جزء من منظمة التحرير و شاركنا في الإنتخابات مضطرين للإصلاح
فوز حماس كان مفاجأة كفوز إسلاميي الجزائر
-كان هناك رفضا من قبل كل التيارات السياسية للمشاركة  مع حماس في حكومتها
- بسبب عدم تعاون التيارات السياسية حدث الفصام النكد بين غزة و الضفة
- لم نستطيع تطبيق كل برنامجنا الإنتخابي
-نجحنا في إدارة مختلف المرافق الحيوية في غزة
-غزة كسرت الكيان الصهيوني و كسرت الحصار الذي فرضه عليها .

بعد انتهاء مداخلة الدكتور أبو مرزوق تناول الحديث أبو جرة سلطاني من حركة مجتمع السلم الجزائرية و النقاط التي تناولها هي كالتالي:

هدف الخصوم واحد وهو منع إيجاد نموذج حكم إسلامي يحتذى به
المشايخ ربونا تربية دينية بعيدة عن السياسة و تلوناتها
كان ينظر لنا خصومنا أننا لانصلح للحكم بل للمعارضة فقط
-المنظومة التربوية رسخت فينا نموذج الفرد الذي لايطالب بحقوقه أنه هو الصالح
التحدي الأول ذاتي يتعلق بتربيتنا على البعد عن الخوض في الشأن العام
نحتاج لتربية الناس على إدارة الشأن العام.. الدعوة تنقلنا إلى الدولة
التحدي الثاني يتعلق بالصورة النمطية عن الإسلاميين عند الآخر
الصورة عند الآخر أننا لانؤمن بالديمقراطية إلا عندما نكون خارج الحكم
الرأي العام و الشعب ينتظر كثيرا من الحكومات الإسلامية
نحتاج أن نقرب المثال من الواقع

بعد أبو جرة سلطاني تناول الكلام عبد الله بها من حزب العدالة والتنمية المغربي وفيما يلي اهم ما تطرق إليه :

- استعرض علاقة الإسلام بالحكم من خلال نماذج تاريخية 
-نريد أن نمارس السياسة بصدق بعيدا عن الميكافيلية.
المجتمعات التي ستنجح هي التي ستدمج بين السياسة و الدين.

بعد ذالك توالت المداخلات من بقية المشاركين و كانت تصب جميعها في نفس الإتجاه عن التحديات التي تواجه الإسلاميين في الحكم .


الأربعاء، 3 أكتوبر 2012

شركات المعادن: سارق و سمسار



يلبس بذلة أنيقة و يحمل حقيبة يتنقل من مطار إلى مطار .. عرفته مدن كثيرة في العالم عبر بحثه الدؤوب عن رجال أعمال مهتمون بالتنقيب عن المعادن .. لايهمه إن كان رجل الأعمال يمتلك شركة للتنقيب ذات خبرة في المجال بقدر مايهمه "كوميسيوه" التي سيدفعها المهتم...
اتصل بعدد من رجال الأعمال لكنهم لم يتفقوا معه بسبب "قيمة كوميسيوه" التي تبلغ ملايين الدولارات و خشيتهم من تجاوزات قانونية تودي بهم إلى المحاكم و القضاء و المتابعات ...
كاد أن ييأس و فجأة تذكر صديقه الإسباني الذي جمعته معه "أعمال خاصة جدا" وكانت "المافيا" حاضرة بقوة في كل تفاصيلها .. اتصل على صديقه وعرض عليه الفكرة في أقل من أسبوع كانت أوراق الشركة"الوهمية " جاهزة و صدرت رخصة التنقيب من مجلس الوزراء الموريتاني ...
التقى الصديقان في اتواكشوط ... سلم الإسباني للموريتاني شيكا بقيمة "كوميسيوه" و تحركا معا للبدء في اجراءات التنقيب بعد فترة باعا الرخصة لشركة استرالية  عن طريق "سمسار " موريتاني آخر...
الشركة الأسترالية جاءت بمعداتها و بدأت التنقيب وعن طريق "سمسارها" الموريتاني وصلتها كل المعدات اللوجستية التي أجرتها منه بمبالغ "خيالية" بل إنه "أجر" لها اليد العاملة و كان هو "الوسيط" بينها وبين السلطات الإدارية ...
فهم الأستراليون أنهم في "أرض بلا أهل " فأقبلوا ينهبون كل شيء "آثار قديمة..معادن.." دون حسيب ولا رقيب ... الوقت يمر والأرباح تزداد .. ..يضعون النفايات في أي مكان لاتهمهم الأضرار التي ستلحقها بالبيئة و السكان ماداموا يدفعون مقابلا "للوسيط" الموريتاني عن كل تلك التصرفات "الخارجة على كل القوانين المحلية و الدولية"...
بعد سنوات من "النهب" باع الأستراليون "منجمهم" وكل معداتهم لشركة "كندية" عن طريق "وسيط موريتاني ثالث" ... أخذ "الوسيط" "كوميسيوه" وغادر الأستراليون موريتانيا ...
في فندق بمدينة "ميلانو " الإيطالية اجتمع الإسباني مع استراليين وكنديين  في إطار التحضير لبعض "الغزوات المافيوية" على معادن موريتانيا  ووضعوا الخطة التي تقضي "بنهب المعادن بشكل ممنهج" دون أن يعرف أي أحد عن حقيقة "انتمائنا للمافيا" حتى "الوسطاء الموريتانيون" ...
هذا مقطع بسيط و مختصر من "قصة النهب الطويلة" التي تتعرض لها ثروتنا المعدنية على يد "الشركات الأجنبية" وبتواطئ من موريتانيين كل همهم هو الحصول على "كوميسيوه" وليذهب الوطن بعدها إلى الجحيم...