لم تمح من ذاكرة مدينة
روصو حادثة اعتقال "اتيام" ذات صباح من أمام مكتب الحاكم حيث اقتادته
الشرطة إلى جهة مجهولة كان اسم الرجل يتردد في كل زوايا المدينة بل إن أصداءه تصل
إلى الجارة السنغال ...كان "عصا سحرية" لأولئك القادمين إلى "جنة
موريتانيا" لمنحهم "أوراقا موريتانية" قبل أن ينالوا الجنسية!!!!
على مدى سنوات تمكن "اتيام" من تجنيس الآلاف وجمع ثروة من
هذا النشاط "الحلوب" الذي لفت انتباه الكثيرين فقرروا التخلص من الرجل
لتخلو لهم "السوق" ...
بدأت سوق التجنيس تستقطب
فاعلين جددا "سيدي الشرطي" و محمد الموظف بالمقاطعة و صو العامل
بالولاية يعملون ليل نهار وعبر وسطاء على جانبي النهر لإستقطاب الراغبين في الحصول
على"أوراق" مقابل "مبالغ مالية" معتبرة !!!
التجنيس
.... رواية بفصول طويلة
قصة "تجنيس"
الأجانب بموريتانيا هي قصة طويلة بدأت مع الإستقلال ولم تنته حتى اليوم يتداخل
فيها التزوير مع الواسطة مع عدم المسؤولية والوطنية ويتداخل كل ذالك مع سياسات
الأنظمة المتعاقبة على حكم موريتانيا ونظرتها للنسيج الإجتماعي و الكم الديمغرافي
لكل عرق من مكوناته يضاف لذالك فوضويةالحالة المدنية وترهلها...
مع سنوات الإستقلال الأولى تم تجنيس "الآلاف" من المترجمين
و الموظفين السابقين مع الإدارة الفرنسية والذين تعود أصولهم لمختلف الدول الغرب
إفريقية...
استفحلت الظاهرة بشكل كبير بعد سنوات من حكم ولد الطايع بفعل
الفساد المستشري في مختلف أركان الدولة وكان من مظاهره التلاعب بالأوراق
المدنية ومنحها مقابل "مبالغ مالية" للوافدين لهذه البلاد وكان حظ
الأفارقة كبيرا خاصة السنغاليين و الغينيين نظرا لعامل الجوار والتداخل الإجتماعي
بالنسبة للأولى وعامل اللغة بالنسبة للثانية مع أن الفساد تجاوز كل العوامل وبات "المال"
هو العامل الأبرز في منح الجنسية للأجانب الوافدين إلى موريتانيا...
تم كذالك تجنيس "الطوارق" الهاربين من جحيم الصراع في مالي
ضمن خطة تهدف لتخفيف الضغط على النظام في الجارة الشرقية كما فسره البعض على أساس
أنه سعي من نظام ولد الطايع لإيجاد كتلة انتخابية "مضمونة" إلى جانبه...
وآخر هذه "الرواية" مانشره موقع الأخبار عن سعي رسمي
لتجنيس "الصحراويين المقيمين على الأراضي الموريتانية...
انواكشوط...
"ديمغرافيا الفساد"
الأكثرية التي تحصل على الجنسية الموريتانية هي من اليد العاملة
الإفريقية "الرخيصة" وتكون وجهتها المفضلة انواكشوط وهو ماجعل
"الخريطة الديمغرافية" للمدينة تشهد تغييرات كبيرة لنجد مقاطعات
منها تشهد أكبر تواجد للجاليات "المجنسة" والتي باتت تضايق أبناء البلد
في معيشتهم بل تسبب ذالك في مشاكل كثيرة منها الأمني والإجتماعي
...
ولم تسلم بقية المدن من تلك الموجات من العاملين
"المجنسين" حيث استوطنت مجموعات منها في العاصمة الإقتصادية انواذيبو
والتي لم يعد من الغريب أن نجد فيها حيا بإسم العاصمة الغانية "اكرا"
...
الديمغرافيا ...
"لغة مفخخة"
نشرت وكالة الإستخبارات الأمريكية CIA على موقعها عبر الإنترنت عام 2009 تقريرا عن موريتانيا تضمن
نسب القوميات أو العرقيات المكونة للمجتمع وجاءت النسب كالتالي :
- لحراطين (رغم أنهم لايمكن اعتبارهم قومية مستقلة) : 30%
- الزنوج : 30%
- البيظان : 40
%
هذه النسب بطبيعة الحال ليست دقيقة و أي عارف بالمجتمع يدرك أن هناك
تداخل بين مختلف مكونات هذا المجتمع ومع ذالك لاتزال لغة الديمغرافيا سائدة في بعض
الأوساط فمنذ أيام قليلة طالعتنا بعض المواقع الموريتانية بأرقام عن نسبة
الزنوج ضمن الإحصاء الجديد والتي قدرت ب 17% .
لغة الديمغرافيا ليست دقيقة دائما للأسباب التالية
:
- في العالم الثالث تبدو هذه النسب غير دقيقة نظرا لعوامل كثيرة
- يمكن لأي طرف أو سلطة التلاعب بهذه النسب
لبنان والعراق ...
الديمغرافيا القاتلة
تثير قضية نسب القوميات و الأعراق والديانات في مختلف دول العالم
مشاكل كثيرة و من أبرز الدول التي عانت من هذه القضية لبنان و العراق فكل عرق أو
ديانة في هاتين الدولتين يعتبر أنه هو "الأكثرية" فلبنان التي كانت
بأكثرية مسيحية تحولت مع الأيام إلى "أكثرية" شيعية والعراق كذالك تحول
إلى "أكثرية" شيعية ... الناظر لهذه القضية بهدوء يلاحظ أن اللعب على
لغة الديمغرافيا وقصة الأكثرية والأقلية يختلف من مكان لمكان حسب اللاعبين
"الدوليين" فمرة ينظر للكم الديمغرافي "للطائفة الدينية" ومرة
للقومية ومرة للون وهكذا هي إذن "لعبة قذرة" يلعبها الذين يسعون لبسط
نفوذهم في أي نقطة من العالم دون أن نهمل فشل دول العالم الثالث في استيعاب مختلف
الإختلافات و صهرها في بوتقة واحدة من أجل عمل وطني مشترك يمنع التشظي...
الديمغرافيا ... وحقوق المواطن
في الحديث عن الديمغرافيا والتجنيس علينا أن لاننسى أن المجموعة
الزنجية في موريتانيا تعرضت للكثير من المظالم في عهود سابقة وأعلن بعضها
تضرره من عمليات الإحصاء الجاري "لاتلمس جنسيتي" نموذجا وإنصاف هذه
المجموعة ضرورة ملحة من أجل وحدة وطنية حقيقية و لاينبغي بأي حال من الأحوال وصفهم
ب "المجنسين" ولا "رعايا دول أجنبية" هؤلاء مواطنون من هذه
الأرض بل هم أصلها والتنوع مصدر إثراء وليس "ولاعة" للحروب الأهلية....
موريتانيا ... بكل الألوان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق