في أول جلسة من جلسات الصالون الثقافي استضفنا الباحث الموريتاني
الأستاذ سيد اعمر ولد شيخنا متناولا التاريخ الموريتاني المعاصر مستعرضا أهم
محطاته ومبرزا الأدوار التي لعبتها شخصيات معينة في رسمه و مبينا أهم ماتوصل له في
بحوثه عن هذا التاريخ من خلال استنطاق تلك الشخصيات
عن الباحث
يعد الباحث سيد اعمر ولد شيخنا أحد أبرز
الوجوه الشابة التي برزت في الآونة الأخيرة من خلال بحوث وكتابات رصينة عن التاريخ
المعاصر لموريتانيا و يعد كتابه "موريتانيا المعاصرة... شهادات
ووثائق" أهم كتاب صدر في الفترة
الأخيرة عن تاريخ موريتانيا و أثار ضجة كبيرة في الأوساط الإعلامية و الثقافية و
حتى الإجتماعية والسياسية ...
وتناول الكتاب بالتدوين والتوثيق تاريخ
موريتانيا من الفترة الممتدة من 1957 وحتى 1984 و تضمن شهادات لأغلب الذين عاصروا هذه الفترة
وكانوا شهودا على حوادثها أو من صناع الأحداث ..
وقد
صدر للباحث كذالك عدة كتب عن التاريخ الموريتاني ...
الإستعمار ... وسكان السواحل
تناول الباحث سيد اعمر ولد شيخنا في بداية
حديثه في "الصالون الثقافي" تاريخ الإستعمار الفرنسي ببلادنا و المناطق
التي استهدفها عند دخوله وهي المناطق المحاذية للنهر أو للمحيط "مناطق
الساحل" ... فمن اترارزه المحاذية للنهر دخل الفرنسيون متوغلين حتى آدرار
إستهداف المناطق الساحلية ليس جديدا على
الإستعمار فهو استراتيجية انتهجها في مختلف المناطق التي احتلها ويتميز سكان هذه
المناطق عادة بالإنفتاح و القدرة على استيعاب الآخر وذالك مايجعلهم في مرمى نيران
المستعمرين دائما لكن في موريتانيا يضاف لهذه العوامل عامل آخر وهو الفتوى الدينية
التي أصدرها الشيخ باب ولد الشيخ سيديا و التي فتحت الباب لقدوم الفرنسيين ..
كان الشيخ باب من أوائل العلماء والمشايخ
الذين نددوا بسياسة "السيبة" التي تعم هذه البلاد واعتبر أن قدوم سلطة
ولو كافرة أخف ضررا من الفوضى وبناء على ذالك اصدر فتواه التي اثارت الكثير من
اللغط حتى اليوم..
الفرنسيون... من يخدمني لا أنساه
جاءت ظروف كثيرة املت على الفرنسيين أن
يغادروا هذه البلاد ويعطوها إستقلالها لكن قبل ذالك فكروا في من سيخلفهم و استقر
رايهم على تأهيل أولئك الذين خدموهم طيلة مكوثهم في هذه الأرض من مختلف مكونات هذا
الشعب وخاصة من المناطق الساحلية و آدرار مع العلم أن أغلب الكوادر حينذاك كانت
تنحدر من هذه المناطق ..
اختار الفرنسيون إذن "قادة
الإستقلال" من أبناء هذه المناطق وبعثوا ببعضهم إلى فرنسا ليتعلم ويتكون قبل
أن تناط به المهمة الجسيمة مهمة إدارة بلاد مترامية الأطراف ولاتملك اية بنى تحتية
وبإقتصاد هش يعتمد الزراعة والتنمية وبأساليب تقترب من البدائية
المختار.... في دائرة الضوء
تم اختيار المترجم السابق مع الإدارة
الفرنسية المختار ولد داداه لمهمة قيادة "دولة الإستقلال" وتم ابتعاثه
إلى فرنسا ليكمل دراسته الثانوية ثم الجامعية ويتخرج محاميا ويعود للبلاد
كأهم رجل سياسي في تلك المرحلة ..
اختيار المختار لم يكن اعتباطيا وإنما لعدة
أسباب:
-
موظف سابق بالإدارة الفرنسية
-
ابن لأحد الوجهاء المقربين من فرنسا
-
شخص دبلوماسي جدا ومحنك و خلوق يمكن أن يجمع حوله مختلف الفرقاء
السياسيين
المختار... رئيسا
بعد الإستقلال عن
فرنسا عام 1960 تولى المختار ولد داداه رئاسة البلاد وبدأ في إدارتها يساعده فريق من الأطر المكونين
تحت الرعاية الفرنسية بالإضافة لبعض الفرنسيين وحاول أن ينتهج سياسة تجمع بين
الولاء للحليف القديم و السعي لتحقيق إستقلال حقيقي للبلاد يدفعه طموح شخصي لذالك
و متغيرات دولية وتحالفات إقليمية ..
لكن بعض المتغيرات
الداخلية ساهم في التعجيل بتحقيق ذالك الطموح فمع بداية عقد السبعينات تصاعدت
نضالات أهم حركة معارضة لحكمه حركة الكادحين وهو ماجعله يرضخ لمطالبها محققا بذالك
الطموح الشخصي الذي طالما راوده وهو الإستقلال الحقيقي عن فرنسا فقام بتأميم ميفرما
وإصدار عملة وطنية "الأوقية"
وساعده تحالفه مع الجزائر الإشتراكية بقيادة بومدين في القيام بذالك ...
كانت حركة
الكادحين حركة يسارية و كذالك الحلفاء الجدد للمختار كجزائر بومدين و غينيا شيخو
توري ..
اللوبيات الجدد... ودوائر السلطة والنفوذ
بعد أن حقق
المختار الكثير من مطالب حركة الكادحين انقسمت الحركة إلى قسمين قسم دخل في حوار
مع النظام بل اندمج في حزب الشعب وأصبح يطلق عليه "الميثاقيون" أو
"الإندماجيون" وقسم فضل المعارضة وهو ماسيعرف بالحركة الوطنية
الديمقراطية..
دخل الإندماجيون
في مختلف دوائر صنع القرار والدوائر الأمنية مشكلين بذالك لوبيا قويا داخل النظام
نفسه حاول المختار أن يستغله لصالح الإستمرار في الحكم وللتخلص من قدماء موظفيه
والمنافسين له خاصة بعد أن شاع قبل ذالك بسنوات أن هناك محاولات من بعضهم لإزاحته
من الحكم كمحمد ولد الشيخ ولد اليدالي الذي عزله المختار عام 1966
اللوبي الجديد
القوي الموالي للنظام كان معه لوبيا آخر هو لوبي "أطر الزنوج" الذين
أبدوا تذمرهم من السياسات الجديدة للنظام خاصة فيما يتعلق بالتعريب وحاولوا إبراز قضيتهم على أساس أنها
"مشكلة ثقافية" بينما كانت تحمل في طياتها صراعا سياسيا خفيا يحمل بعدا
عنصريا في بعض الأحايين و تخوفات من سيطرة "البيظان" على كل مفاصل
السلطة...
الإنقلاب ... ينهي
الحلم
دخل نظام المختار
في حرب مع جبهة البوليساريو وهي الحرب التي دقت المسمار الأخير في نعش حكمه والذي
سقط إثر إنقلاب عسكري قاده كبار ضباط الجيش و بالإنقلاب على المختار خسر حلفاؤه
الميثاقيون خسارة كبيرة وأبعدوا من دوائر
صنع القرار
لكنهم ظلوا في
محاولات مستميتة للعودة و بتحالف مع أهم أركان النظام وهو ماتجلى واضحا في
المحاولة الإنقلابية الفاشلة التي حدثت
يوم 16 مارس 1981 ضد حكم المقدم محمد خونه ولد هيداله و التي قادها التالف من أجل
موريتانيا ديمقراطية AMD
وبعد فشل المحاولة
أعدم هيداله أبرز قادتها : كادير و احمدسالم ولد سيدي وانيانغ مصطفى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق