الاثنين، 13 مايو 2013

إنتفاضة العطاش : الشعب يريد الحياة !



قبل سنتين تقريبا طالعت خبرا عن فتح مناقصة لتزويد المنطقة الممتدة من "كرفور ولد ابادو" بمقاطعة دار النعيم إلى عين الطلح بمقاطعة تيارت بالماء الصالح للشرب وقد رست المناقصة بعد ذالك على تجمع شركات يضم شركة صينية !!
بعد ذالك ساقتني الأقدار للسكن قريبا من تلك المنطقة فتذكرت المناقصة والشركة الصينية لكني لم أجد اثرا لشبكة المياه ولا للماء الصالح للشرب فلا زالت عربات الحمير هي المزود الرئيسي للسكان بالماء ولم أعرف لأي وجهة اتجه تمويل المشروع الذي جاء ثمرة للتعاون بين موريتانيا و البنك الإسلامي للتنمية بجدة !!
قصة الماء والعطش تعود بقوة لواجهة الأحداث هذه الأيام بسبب الإنتفاضات الشعبية المطالبة بالماء الشروب في أكثر من مدينة وقرية من ربوع هذا الوطن فبعد إنتفاضة سكان مقطع لحجار الشهيرة والتي تمكنوا من خلالها من تحقيق مطلبهم في تزويدهم بالماء الصالح للشرب بعد معاناة طويلة مع مياه ملوثة والتي  أثبتت الدراسات  أنها مضرة بالصحة  جاء الدور على بقية مناطق الوطن فسمعنا عن انتفاضات أهالي جكني وتمبدغه والطينطان و النعمه وروصو و كرو و افام لخذيرات و صانكرافه وغيرها من مدن وقرى هذا الوطن التي بات العطش يهددها !!
إلا أن انتفاضة سكان كرو تبقى حتى الآن هي الأكثر حيوية و توهجا فحراكهم الذي بدأ منذ القرابة الشهر يمثل انتفاضة شعبية رائعة من أجل الحق في الحياة فمطالب المنتفضين هي الماء والكهرباء فهل نتصور أن مدينة يمكن أن تعيش بدون ماء ولاكهرباء وخاصة في هذا القرن ؟؟!!
مع تزايد حراك أهل كرو وقوته كان رد السلطات عليهم ينم عن عقلية "متحجرة" لاتعي التغيرات التي طرأت على الشعوب في زمن عودة الجماهير و الثورة التكنولوجية !... قمعت الشرطة وبعنف الحراك الشبابي لأهل كرو المعتصم أمام الرئاسة وهو ما أعطى لهذا الحراك مشروعية أكبر و زخما إعلاميا مميزا و "انقلب السحر على الساحر" !
حتى اليوم لايزال أهل كرو منتفضين طلبا "للحياة" و تنوعت وسائل ضغطهم على السلطات من أجل تحقيق المطالب فبعد التظاهرات أمام القصر قطعوا طريق الأمل أكثر من مرة وأوقفوا حركة السير للفت الإنتباه لمأساتهم ! وهو ما أدى لتدخل والي ولاية لعصابه من أجل أن يظهر المنتفضين بمظهر المشاغبين والأقلية وهو ماعجز عنه حتى اللحظة !!
ومن المتوقع ان تظل إنتفاضة أهل كرو مستمرة حتى تحقيق المطالب تماما كما فعل سكان مقطع لحجار الذين كانوا "قدوة" في حراكهم المميز من أجل الماء وستقتفي مدن كثيرة وقرى تعاني العطش اثر أهالي كرو فالصيف قادم و "الترقيعات" لم تجلب ماء للمنتفضين في أي نقطة من ربوع هذا الوطن !!
انتفاضات العطاش إذا استمرت فإنها قد تطيح بالكثير من "الرؤوس الكبيرة" على شكل "كباش فداء" للنظام وقد تتحول مستقبلا لتهديد جدي للنظام نفسه وهو مايسعى لتلافيه عبر "حلول ترقيعية" و استخدام سياسة "العصا والجزرة" و ايفاد "الوجهاء و النواب و المنتخبين المحليين" كوسطاء من أجل إيقاف حراك "شباب مغرر به و يخدم أجندة سياسية معينة" !! 
يثبت النظام الحالي يوما بعد يوم أنه لايستوعب الدروس ولايستفيد من أخطائه وأن "سياسة الثعلب" هي ديدنه و دينه في قفز على كل المتغيرات ... فإلى متى سيظل مستمرا في هكذا سياسة ؟؟ هل يعي النظام مشروعية مطالب المنتفضين عطشا ؟؟ وهل هو على استعداد لتلبية هذه المطالب أم أنه يفضل مواجهة شعب كامل يعاني "عطشا" شديدا في شتى مجالات الحياة ؟؟ 
الماء هو الحياة وكما قال الشابي في بيته الرائع الذي تحول بعد ذالك لشعار رفعته "ثورة الياسمين" بتونس ورفعه التواقون للحياة والحرية والكرامة في كل مكان : 
إذا الشعب يوما أراد الحياة ** فلا بد أن يستجيب القدر 

والشعب الموريتاني أعلنها بوضوح أنه يريد الماء... يريد الحياة ... يريد الكرامة ... وسيستجيب القدر يوما ما !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق