الأربعاء، 22 مايو 2013

هنا كولومبيا ؟؟!!

عزيز والنائب الفرنسي مامير الذي اتهمه برعاية المخدرات في الساحل 


آكرا عاصمة غانا كان يمكن أن يظل اسما عاديا لايحمل أي دلالة تتعلق بالقضايا الوطنية إلا أن المواطن المالي عمر با أصر أن يدخلها ضمن قاموسنا السياسي بل أضاف لها "تسجيلات" و "حاويات مشبوهة" قيل إنها تحوي دولارا مزيفا وقيل مخدرات !
المهم أن لغزها بقي محيرا و لايمكن أن يفكه إلا عزيز أو عمر با أو العراقي علاوي وربما لاحقا كمبا با !!
قبل عمر با كانت أوساط إعلامية تتحدث عن "علاقة مشبوهة" بين عزيز و حميد ولد بشراي الرجل الذي يقال إنه مرتبط بشبكات أوروبية وإفريقية لتجارة وتهريب المخدرات !!
وقبل أيام  كشفت صحيفة موريتانية ( الأخبار-اينفو) عن "خيوط" وشخصيتين جديدتين إحداها مطلوبة للإنتربول و الثانية للعدالة الموريتانية لتهريبهما للمخدرات هاتان الشخصيتان دخلتا الأراضي الموريتانية و شاركتا في مؤتمر كبير في فندق بالعاصمة ثم التقتا بعزيز !!
ملف المخدرات وتهريبها و حماية المهربين أصبح في عهدة رأس النظام بل إن البعض أصبح يتهمه بشكل مباشر وهو مؤشر خطير يهدد منظمة القيم المهددة أصلا فقبل سنوات تم اعتقال شخصيات أمنية في ملف مخدرات وعصابة يتزعمها أجنبي يحمل الجنسية الغينية و حامت شكوك كثيرة حول بعض رجال الأعمال والشخصيات السياسية إلا أن رئيس الدولة ظل دائما في منأى عن هذه الإتهامات !!

هل دخلنا إذن مرحلة تفكك كل الضوابط والقيم التي من المفترض أن يلتزم بها من يمثل الدولة ؟ أم أن معارضي النظام تجاوزوا الحدود في اتهاماتهم وباتوا يتهمون دون دليل ؟؟ إذا كان رأس النظام لاعلاقة له بالموضوع و إنما هي مجرد اتهامات باطلة فلماذا يستقبل المتهمين والمربين أمثال الشريف الطاهر و حميد ولد بشراي ؟؟ هل يمكن للقضاء الموريتاني أن يحقق في هذه الإتهامات؟؟ هل للقضاء أصلا استقلالية عن السلطة التنفيذية ؟؟
ستبقى هذه الأسئلة معلقة مادام رأس النظام يصر على تجاهل الإتهامات بل الوثائق التي نشرها أكثر من موقع إعلامي و تتحدث عن رعاية للمخدرات !!
اتهمامات النائب الفرنسي "مامير" هي وحدها التي أثارت غضب عزيز وأصر على ملاحقة الرجل قانونيا و هي القضية التي أسفرت عن "اعتذار" و أشياء أخرى !!
هل سر الغضب في أن الإتهامات جاءت هذه المرة من باريس التي لديها دور كبير في تثبيت أركان النظام ؟؟ أم السر في أنها صادرة من شخصية على علاقة بولد بوعماتو و كان كلامه ضمن الحملة الإعلامية التي كان يشنها الأخير على عزيز ؟؟

إذن الموضوع سيظل موضوع اسئلة ولا إجابات محددة و أكيدة في الموضوع لكن هذه الإتهامات المرفقة بالعديد من الوثائق لابد من التحقيق فيها إن كنا نريد لهذه الدولة أن تظل على الأقل ككيان سياسي له سمعة في العالم ينبغي الحفاظ عليها وليس تشويهها وتحويلنا من "دولة محترمة" إلى "مافيا لتهريب و رعاية المخدرات " !!
والسؤال الجوهري :  هل نحن أمام رئيس دولة أم رجل يسعى لأن يكون كالكولومبي بابلو اسكوبار أحد أكبر تجار المخدرات في العالم و أحد أغنياء العالم ؟؟
تقول سيرة بابلو اسكوبار  إنه أحدث ثورة كبيرة في صناعة المخدرات في كولومبيا و اشتهر بالعنف و تجارة المخدرات إلا أنه مع ذالك كان يطعم الفقراء والمساكين ويبني المستشفيات والمدارس وربما الشوارع !!!
أقام الرجل شبكة لتوزيع المخدرات و اصبح ملكا لها بلامنازع في كولومبيا بل في الأمريكيتين !! ومن خلال نشاطه "المرعب" صار اسمه على كل لسان بل غدت كلمة "كولومبيا" تحيل مباشرة إلى الكوكايين والهيروين و المافيا و ساءت سمعة الدولة كثيرا وشهدت هزات عنيفة إجتماعية وسياسية بسبب تجارة المخدرات كادت أن تقضي عليها !!
فهل نريد لبلادنا أن تتحول إلى "كولومبيا إفريقيا" ؟؟ وهل ذالك يخدم السلم والأمن الإجتماعيين ؟؟

الاثنين، 13 مايو 2013

إنتفاضة العطاش : الشعب يريد الحياة !



قبل سنتين تقريبا طالعت خبرا عن فتح مناقصة لتزويد المنطقة الممتدة من "كرفور ولد ابادو" بمقاطعة دار النعيم إلى عين الطلح بمقاطعة تيارت بالماء الصالح للشرب وقد رست المناقصة بعد ذالك على تجمع شركات يضم شركة صينية !!
بعد ذالك ساقتني الأقدار للسكن قريبا من تلك المنطقة فتذكرت المناقصة والشركة الصينية لكني لم أجد اثرا لشبكة المياه ولا للماء الصالح للشرب فلا زالت عربات الحمير هي المزود الرئيسي للسكان بالماء ولم أعرف لأي وجهة اتجه تمويل المشروع الذي جاء ثمرة للتعاون بين موريتانيا و البنك الإسلامي للتنمية بجدة !!
قصة الماء والعطش تعود بقوة لواجهة الأحداث هذه الأيام بسبب الإنتفاضات الشعبية المطالبة بالماء الشروب في أكثر من مدينة وقرية من ربوع هذا الوطن فبعد إنتفاضة سكان مقطع لحجار الشهيرة والتي تمكنوا من خلالها من تحقيق مطلبهم في تزويدهم بالماء الصالح للشرب بعد معاناة طويلة مع مياه ملوثة والتي  أثبتت الدراسات  أنها مضرة بالصحة  جاء الدور على بقية مناطق الوطن فسمعنا عن انتفاضات أهالي جكني وتمبدغه والطينطان و النعمه وروصو و كرو و افام لخذيرات و صانكرافه وغيرها من مدن وقرى هذا الوطن التي بات العطش يهددها !!
إلا أن انتفاضة سكان كرو تبقى حتى الآن هي الأكثر حيوية و توهجا فحراكهم الذي بدأ منذ القرابة الشهر يمثل انتفاضة شعبية رائعة من أجل الحق في الحياة فمطالب المنتفضين هي الماء والكهرباء فهل نتصور أن مدينة يمكن أن تعيش بدون ماء ولاكهرباء وخاصة في هذا القرن ؟؟!!
مع تزايد حراك أهل كرو وقوته كان رد السلطات عليهم ينم عن عقلية "متحجرة" لاتعي التغيرات التي طرأت على الشعوب في زمن عودة الجماهير و الثورة التكنولوجية !... قمعت الشرطة وبعنف الحراك الشبابي لأهل كرو المعتصم أمام الرئاسة وهو ما أعطى لهذا الحراك مشروعية أكبر و زخما إعلاميا مميزا و "انقلب السحر على الساحر" !
حتى اليوم لايزال أهل كرو منتفضين طلبا "للحياة" و تنوعت وسائل ضغطهم على السلطات من أجل تحقيق المطالب فبعد التظاهرات أمام القصر قطعوا طريق الأمل أكثر من مرة وأوقفوا حركة السير للفت الإنتباه لمأساتهم ! وهو ما أدى لتدخل والي ولاية لعصابه من أجل أن يظهر المنتفضين بمظهر المشاغبين والأقلية وهو ماعجز عنه حتى اللحظة !!
ومن المتوقع ان تظل إنتفاضة أهل كرو مستمرة حتى تحقيق المطالب تماما كما فعل سكان مقطع لحجار الذين كانوا "قدوة" في حراكهم المميز من أجل الماء وستقتفي مدن كثيرة وقرى تعاني العطش اثر أهالي كرو فالصيف قادم و "الترقيعات" لم تجلب ماء للمنتفضين في أي نقطة من ربوع هذا الوطن !!
انتفاضات العطاش إذا استمرت فإنها قد تطيح بالكثير من "الرؤوس الكبيرة" على شكل "كباش فداء" للنظام وقد تتحول مستقبلا لتهديد جدي للنظام نفسه وهو مايسعى لتلافيه عبر "حلول ترقيعية" و استخدام سياسة "العصا والجزرة" و ايفاد "الوجهاء و النواب و المنتخبين المحليين" كوسطاء من أجل إيقاف حراك "شباب مغرر به و يخدم أجندة سياسية معينة" !! 
يثبت النظام الحالي يوما بعد يوم أنه لايستوعب الدروس ولايستفيد من أخطائه وأن "سياسة الثعلب" هي ديدنه و دينه في قفز على كل المتغيرات ... فإلى متى سيظل مستمرا في هكذا سياسة ؟؟ هل يعي النظام مشروعية مطالب المنتفضين عطشا ؟؟ وهل هو على استعداد لتلبية هذه المطالب أم أنه يفضل مواجهة شعب كامل يعاني "عطشا" شديدا في شتى مجالات الحياة ؟؟ 
الماء هو الحياة وكما قال الشابي في بيته الرائع الذي تحول بعد ذالك لشعار رفعته "ثورة الياسمين" بتونس ورفعه التواقون للحياة والحرية والكرامة في كل مكان : 
إذا الشعب يوما أراد الحياة ** فلا بد أن يستجيب القدر 

والشعب الموريتاني أعلنها بوضوح أنه يريد الماء... يريد الحياة ... يريد الكرامة ... وسيستجيب القدر يوما ما !

الأربعاء، 8 مايو 2013

إيديولوجيا الألوان : أحمر ... أخضر 

لم يتوقف "التعصب" الإيديولوجي عند الأفكار والأشخاص بل تجاوزه إلى الألوان !! فكل أصحاب إيديولوجيا "يقدسون" لونا معينا حد العبادة !! 
قصة الألوان والإيديولوجيا قد لاتكون وليدة اليوم فالإنسان بطبعه يحب التميز ولذا سعت القبائل و الشعوب على مدار التاريخ أن يكون لها علم أو رمز معين يميزها وحتى في عبادة الأصنام والأوثان اتخذت كل قبيلة شكلا معينا لوثنها أو صنمها !
وترسخت عادة التميز هذه أكثر عندما بدأت الحروب والغزوات و أصبح كل جيش يبتكر طريقة ليتميز بها عن الجيش الآخر وحتى داخل الجيش الواحد نجد اختلافا في الأعلام والألوية !!
مع العصر الحديث باتت قضية الألوان والرموز تحمل بعدا عقائديا و فكريا فظهر الهلال كرمز للمسلمين مقابل الصليب كرمز للمسيحيين وظهرت رموز و ألوان لباقي الديانات و المذاهب في العالم ..
إلا أن الألوان ستنضاف لها قوة رمزية أخرى مع ظهور الإتحاد السوفيتي ممثلا للفكر الشيوعي واتخاذه للون الأحمر وأضحى كل شيئ هناك لابد أن تتبعه اللازمة "أحمر" !! .. الجيش الأحمر ، الساحة الحمراء ...
وعلى خطى الإتحاد السوفيتي سار "الرفاق" في كل أنحاء الدنيا حاملين الأحمر لونا لابديل عنه كرمز للنضال و التعلق بالفكر الشيوعي و الإيمان به !
كانت "قبلة" الرفاق هي موسكو قبل أن تتعدد "التفاسير" ويتجه البعض جهة بكين ويتجه آخرون لجهات أخرى ! لكن ظل اللون الأحمر يوحد الجميع حتى الرفيق ماو عندما أصدر "تعاليمه" ضمنها في كتاب سيعرف ب "الكتاب الأحمر" !
والرفيق تيتو الذي عاش متمردا على ستالين و كل الرفاق الذين تولوا الرئاسة بعده لم يتخل عن اللون الأحمر و ظل وفيا للرمز الجامع  !
وجاء كاسترو و جيفارا وأعطيا للأحمر مايليق به من قدسية ورمزية وكان تشافيز على خطاهما بكل حماسة و ثورية يعتمر القبعة الحمراء ويتزيا زيا عسكريا أحمر !! 
هل عشق الأحمر دليل على عشق إراقة الدم أم تضامنا مع المقهورين و الثائرين الذين تسيل دماؤهم في سبيل الحرية والكرامة ؟؟!!
لقد كان ستالين وهو من الرموز المقدسة عند الرفاق دمويا بشكل فظيع فقد قتل ملايين البشر واسألوا الشيشانيين والأنغوش و غيرهم و اسألوا مجاهيل سيبيريا !
وعلى طريقة "العارف بالشيوعية" ستالين سار ماو و كاسترو وغيرهم من الرفاق كانت الدماء "الحمراء" تسيل و الأعلام الحمراء ترفرف !!
لم يكن الرفاق وحدهم هم يتعصبون للونهم فالإسلاميون كذالك تعصبوا للون الأخضر وباتت الأعلام الخضراء في كل مكان تدل عليهم .. أحيانا تتوسط كلمة التوحيد" لا إله إلا الله" العلم الأخضر أو تتوسطه "الله اكبر" أو شعار جماعة الإخوان المسلمين !
وانتشرت القبعات و الأقمصة الخضراء تماما كإنتشار القبعات والأقمصة الحمراء و لم يعد غريبا أن نشاهد الألوف في المهرجانات بفلسطين وهم يلوحون بالأعلام الخضراء التي تدل على انتمائهم لحركة حماس و ظهرت تسميات من قبيل الساحة الخضراء و الكتيبة الخضراء لتدل على فكر معين !
ربما كان بعض مفكري الإسلاميين يفكر هو كذالك في كتابة "رسالة تعاليم" ويطلق عليها "الكتاب الأخضر" إلا أن القذافي سبقه للفكرة فكتب كتابه الأخضر مبشرا فيه "بتعاليم ثورة الفاتح" وصبغ كل شيء في ليبيا "الجماهيرية" بالأخضر بل وصل الإخضرار لإفريقيا وأنحاء مختلفة من العالم !
مع أن العارفين بملك ملوك افريقيا يدركون أن لونه الأخضر ممزوج بحمرة تظهر على وجوه الليبيين الذين اصطلوا بنيران عنجهيته وديكتاتوريته وأفكاره الجنونية !!

إذن لم تعد الألوان "بريئة" فقد باتت تحمل شحنة "ايديولوجية" وبات كل "عاشق" يغني على لونه ويعتمر قبعة ويلبس قمصانا بل وبذلات بلونه الحزبي أو الإيديولوجي بل وصل الأمر لحد كره اللون الذي يرمز "لخصمه" السياسي !!
هل "عبادة" الألوان والتعصب لها تنم عن تفكير سليم ؟؟ لماذا نتجاوز الفكر  إلى القشور ؟؟ هل التعصب لأي شيئ دليل على وعينا ونضجنا أم دليل على العكس ؟؟ هل يحق "لعباد الألوان" أن يصرخوا في وجوه "كهنة المعبد" كفرنا بدينكم ؟؟ !!